قابل للتغيير

لكل إنسان حاجات أساسية مختلفة تساعده في التكيف مع الآخرين والتعايش معهم منها حاجته للاحترام والقبول. فإشباع تلك الحاجة تساعد على اندماج الأفراد مع بعضهم البعض، وتعزز من استقرار العلاقات واستمرارها. فاحترام وقبول الآخر كما هو بأفكاره ومعتقداته و توجهاته أمر لابد منه في أي مجتمع متعدد و تكثر فيه الاختلافات في جميع الجوانب.
و لكن مع الأسف في مجتمعنا هناك من لا يقبل اختلاف الآخرين عنه فيسعى و يصر على إهدار أيام عمره بمحاولات بائسة لتغيير أفكارهم و سلوكياتهم بشتى الطرق مجتهداً في تأسيس مجموعة يتبعونه و ينصاعون لأوامره. معتقداً أن كلمة “حاضر” و” إن شاء الله ”  هي سر سعادته و راحة باله.

متناسياً أنقابل للتغيير الاختلاف يثري المجتمع وينميه وكذلك يساعد الإنسان ويقوده إلى البحث والتفكر والاستزادة من مصادر مختلفة و الاستفادة من خبرات الغير.

فالمشكلة الحقيقية لا تكمن في الاختلاف بحد ذاته فهو سنة الحياة، بل برغبتنا في مصادرة حق الآخرين في اختيار أفكارهم و توجهاتهم.

فكم منا من يبذل قصارى جهده لفرض أفكاره وآراءه على زميل أو أخ أو ابن أو زوجة أو صديق بحجج مختلفة؟ وكم منا يستغل سلطته أو نفوذه أو حتى كِبر سنه لإخضاع الآخرين لرغباته؟

كل تلك المحاولات لا تعكس أي نوع من احترام وقبول الآخر. وعلينا أن نعي أنّ الاختلاف ممكن أن يقودنا إلى التخلف إن لم ندرك أهميته ونوظفه لصالحنا ومنفعتنا.

فلو دقق كل واحد فينا في حياته اليومية لوجد أنه يُؤثر ويتأثر. وكلما زاد قبوله لاختلاف الآخرين اتسعت دائرة تأثيره عليهم. فلا مانع من فكرة التأثير على الآخرين  وتغييرهم للأفضل ولكن يكون بـ :

الحوار والاقناع
القدوة بالأفعال
سعة الصدر والصبر
فالكل “قابل للتغيير”، و لن تجد شخص عاش حياته من المهد إلى اللحد بنفس الشخصية و الأفكار و المعتقدات، هي فقط مسألة وقت .أما الاستهزاء والتقليل من شأن الغير واستصغارهم لن يغيّر أبدا أو سيغيّر للأسوء .فأفراد الأسرة والمجتمع بأمس الحاجة لثقافة الاحترام و القبول.

هل تساءلنا يوما إن كنا نجرأ في أي وقت على طرح جميع أفكارنا؟ هل نقبل الحوار مع من يخالفنا؟ أم بمجرد ظهور الاختلاف تبدأ الأصوات بالارتفاع ويبدأ التراشق بالكلمات؟ هل بيئتنا محفزة لتقبل واحترام الآخر؟ هل نحن واعين بأهمية قبول الآخر كما هو؟ هل ندرك أنّ القبول لا يعني بالضرورة تبني وتأييد الطرف الآخر؟ هل نعي أنّ الآخر واقع يجب أن نتعايش معه لا أن نلغيه؟ هل ندرك مدى خطورة محاولة طمس الاخرين وتكميم أفواههم؟

إن كنت حراً بأفكارك وتوجهاتك، فالآخرين كذلك. وإن كنت ممن يلغي الآخرين فاعلم أنك آخر بالنسبة لهم، فإلغائك محتمل.